روح الروح للإغاثة والتنمية

الكلاب والبسس بتأكل في أشلاء أهلي

حنين الداية خريجة كلية الطب من الجامعة الإسلامية بغزة، تطوعت لتكون “طبيبة الحي” حي الصبرة شمالي قطاع غزة، بعد محاصرة قوات الاحتلال للسكان ومنعهم من التحرك.

قرار تطوع حنين لخدمة سكان حي الصبرة كان بتشجيع من والديها، اللذين حثّاها على التطوع في بداية الحرب في مستشفى الشفاء أو المستشفى المعمداني، ولكن بسبب صعوبة الحركة وتطور الأوضاع اضطرت حنين إلى اتخاذ قرار مختلف، وهو مساعدة أهالي الحي المحاصرين الذين لا يجدون من يقدم لهم الدعم الطبي.

تقول حنين بثبات “قررت أن أكون طبيبة الحي، كنت أغير جروحهم وأشخص أمراضهم”، موضحة بحسرة أنه عندما قام الاحتلال الإسرائيلي باستهداف والدها وعائلتها لم تتمكن من إنقاذهم.

“أعز الناس”

تتنقل حنين في مسرح حادثة استشهاد والدها أعز الناس إلى قلبها، و13 شخصا من عائلتها في محاولة لاستيعاب تفاصيل الحادث “هنا كان أخوي وهنا كان عمي وهنا والدي وكانوا مبتورين وكان في الشارع أشلاء أطفال وكبار”.

وتابعت “أخوي صار يصرخ عليّ أبوكِ تعالي أنقذيه”، مشيرة إلى طلبها نقله إلى المستشفى بسرعة، وقالت عندما قاموا بالكشف الطبي عليه “أنكرت استشهاد والدي في البداية، ثم أقريت بالحقيقة، وسط إلحاح أخواتي إيش صار؟ قلت لهم الله يرحمه”.

وتضيف بحزن “أعلنت خبر استشهاد والدي واستشهاد البقية إشي في الشارع وإشي في المستشفى” موضحة بقهر “يعني أنا تلقيت الصدمة وبثثتها”.

وتبرر حنين عدم قدرتها على إنقاذ والدها قائلة “صح ما عرفتش أنقذه، بس لا أنا ولا غيري ولا أمهر حدا في الدينا يقدر ينقذه”.

وتستعرض حنين ذكرياتها مع والدها “أبي علمني الطب لخدمة الناس” فقد كان يحثها على خدمة الناس ومساعدتهم، طامحة أن كل خدمة طبية تقدمها للناس تكون في ميزان حسنات والدها.

واستشهدت حنين بالحديث الشريف “أو ولد صالح يدعو له”، مردفة “أتمنى أكون الولد الصالح بالدعاء والعمل معًا”.

“الكلاب والبسس بتأكل في أشلاء أهلي”

وتستكمل الطبيبة الشابة قصتها المأسوية “صار لي 3 أيام ما بعرفش أنام في الليل لأني سامعة صوت الكلاب والبسس بتأكل في أشلاء أهلي”، مشيرة إلى ملاحقتها للقطط لأخذ أشلاء أهلها من أفواهها، وتكريم أهلها بدفن أشلائهم.

وعن صمت العالم عما يحدث في غزة تشير حنين إلى مقتل عائلتها قائلة “مفيش حاجة صادمة وقاهرة أكثر من هيك ولكن متى العالم بدو يسمع؟!”، واستندت حنين إلى البيت الشهير للدلالة على تجاهل وصمت العالم:

“لقد أسمعت لو ناديت حيًّا * ولكن لا حياة لمن تنادي”